ألوف من المصريين تجمعوا من كل أنحاء الجمهورية ليشهدوا الاحتفال المهيب ,
الاحتفال بازاحة الستار عن تمثال<< نهضة مصر >> , تمثالنا
الذي سنحكي حكايته اليوم .
كانت
مصر في بداية هذا القرن تشهد نهضة في جميع المجالات , في الأدب والموسيقي
والشعر والفنون بشكل عام , وكانت فكرة بعث المجد القديم في اطار التقدم
الحديث هي روح العصر , فسميت الشوارع والمسارح بأسماء الملوك الفرعونية ..
وسميت المؤسسات الحديثة بـ << آمون >> و<< أبو الهول
>> , و<< الأهرام >> , واتجهت الفنون التشكيلية لتجسيد
الأحياء الشعبية والروح المصرية القديمة .
في عام 1920 م كان
الفنان المصري << محمود مختار >> في<< باريس >>
واشترك وقتها في المعرض العام للفن التشكيلي , ولم يكن الاشتراك به أمراً
سهلاً , فقد كانت الللجنة صارمة وصعبة الارضاء , ولكن مجرد الاشتراك في
المعرض كان فخراً للفنانين .
وعرض << مختار >> تمثاله
الذي سماه << نهضة مصر >> . ولفت التمثال أنظار اللجنة
وانتخب << مختار >> من ضمن الفائزين .
وكان التمثال أصغر حجماً من التمثال الحالي , وقد كتبت عنه الصحف بعد فوزه مقالات تعرف به وبصانعه .
وقد وصف << أمين الرافعي >> التمثال في جريدة << الأخبار >> قائلا :
"امرأة مصرية ,فلاحة , واقفة , رافعة الرأس , بجانب تمثال << ابو
الهول >> , هذه الفلاحة واقفة يدها اليمني علي رأيه تدعوه للنهوض من
رقاده . وهو سمع النداء فرفع رأسه نحوها وأخرج صدره من الرمال واذناه
تصغيان لندائها , هذا هو تمثال << مختار >>
وأقام << أمين الرافعي >> دعوة لانشاء التمثال وجعله رمزاً , ولاقت الدعوة قبولاً جماهيرياً وتحمس الكثيرون للفكرة .
تلاميذ صغار ارسلوا كل مدخراتهم ,سيدات بعن مجوهراتهن , وظهر من بين رجال
الدين في "الأزهر " من يدعو لاقامة التمثال , وبعضهم جمع له التبرعات بعد
الصلاة .
لاقي انشاء التمثال الكثير والكثير من العقبات , ولكن "
مختار ومن عملوا معه واجهوا كل الصعاب ;ليتم نحت التمثال في ستى أشهر فقط ,
فأصبح التمثال رمزاً لارادة المصرية .