العلاقة وثيقة جدا بين اجمل واروع اسطورة عرفها التاريخ المصري القديم، عن اشهر زوجين اسطوريين عاشقين.. وبين نهر النيل!
ما هي حقاً حكاية اسطورة ايزيس واوزوريس؟
ايزيس هي ارض مصر الحانية الطيبة.. اما اوزوريس زوجها، فهو الفيضان الدافق الخصب الذي يأتي اليها بالخير والخصوبة والازدهار.ولعلنا نعلم ايضا ان اسم ايزيس يعني ‘العرش’ ولذا فهي تتوج رأسها دائما بشكل يمثله.
ولقد عرف عن ايزيس انها الام العالمية، وروح الكون كله، ولقد استعانت ايزيس بكل طاقتها الالهية ومقدرتها السحرية (وفقا للأسطورة طبعا) لكي تعيد الحياة إلي زوجها اوزوريس الذي اغتاله اخوه الشرير ‘ست’
وبذلت هذه الزوجة العاشقة لزوجها اقصي ما في وسعها لكي يتولي ابنهما ‘حورس’ العرش من بعد ابيه الملك اوزوريس..
وتقول الاسطورة ايضا: ان ايزيس قد حملت من اوزوريس، في ‘حورس’ بعد موت زوجها هذا بطعنات خنجر اخيه الحاقد ‘ست’!!
وقد اختبأت بعد حملها في حورس بين احراش البردي، هربا من العم الشرير ‘ست’ حتي لا يقضي عليها هي وجنينها.ولكن ماذا عن اوزوريس - فيضان النيل؟
لقد حكم خلال ‘العصر الذهبي’ في الازمنة الموغلة في القدم، حيث تعايشت الالهة مع البشر!!
ولكن في النهاية، اصيب الالهة ‘بالقرف’ والاحباط من مساوئ البشر وآثامهم..فتركوهم، وصعدوا إلي السماء تاركين لهم بعض الكتب والتعاليم المقدسة، والنصائح الالهية..
اتسم حكم اوزوريس بالاتزان والعدل والحكمة وعلم هذا الملك - الاله البشر كيف يزرعون القمح ويصنعون الدقيق، ويعدون الخبز ولذلك، نجد ان المصريين كانوا يعتبرون الخبز كغذاء إلهي مقدس (وما زال هذا المفهوم سائدا حتي يومنا هذا..)كما بين اوزوريس للبشر كيفية التميز ما بين الخير والشر وسن من اجلهم قوانين عادلة.
وشجعهم علي توخي الحقيقة والعدل (هاتان الصفتان تجسدهما: ‘معا’.
***وخلال هذا ‘العصر الذهبي’ علم اوزوريس رعاياه البشر اسلوب ري الاراضي وزرعها. وفتح عقولهم علي المبادئ التي تنظم العالم.. جملة القول :دأب اوزوريس خلال فترة حكمه علي تطوير البشرية وازدهارها..وهكذا، احبه شعبه، ومجده في ترانيم الاكبار والتعظيم:يا اوزوريس عليك السلام.. ان الثناء يغدق عليك بسبب اعمالك الخيرة..يا سيد العدالة، والحق، وملك الغذاء الالهي.ان اوزوريس هو ابن ‘نوت’ (السماء) والملك ‘جب’ (الارض)، الذي لاحظ ما يتصف به ابنه هذا من سجايا طيبة ونقاء سريرة فتنازل له عن العرش. بعد ذلك راح اوزوريس ضحية حادث اغتيال بيد اخيه ‘ست’: رب الرعود والعواصف والظلمات! فقد كان يري انه احق منه بالعرش.
والان سنحاول معرفة تفاصيل اسطورة الحب هنا بين ايزيس ارض مصر الندية الحلوة واوزوريس: فيضان النيل.لقد بترت اوصال اوزوريس إلي اربعة عشر جزءا (او ستة عشر وفقا لروايات اخري).وحقيقة ان اوزوريس كان قد نجا من محاولة اغتيال اولي من جانب اخيه ‘ست’ الشرس المغتصب، الذي هزم شر هزيمة بفضل قوة بأس ‘القط الأعظم’..وفي تلك المعركة، كان ‘ست’ قد تجسد في شكل الثعبان الرهيب العملاق: ‘ابو فيس’.ولكن ‘ست’ عاود محاولة الانتقام من اخيه وتربص به، بين اشجار قصره، وانقض عليه لقتله..ولكن ها هو اوزوريس الطيب النبيل الخلق، يوجه كلماته هذه إلي اخيه الغادر الحاقد: ‘انني لم ارتكب اثما..فلا تنتزع قلبي من حناياه’!!
ولكن بالرغم من تضرعه وتوسله، هجم عليه ‘ست’ واعوانه، واوسعوه ضربا، وعلقوه في اغصان ‘الجميزة الكبري’..وبينما اوزوريس يلفظ انفاسه الاخيرة، مد ‘ست’ يده بخنجر من السيلكس الاسود اللون، وانتزع قلب اخيه من صدره!!وعندئذ تيقن انه سوف يتمكن من اعتلاء عرش اخيه.. ويداه مخضبتان بدمائه!
***ولكن هل توقفت مأساة اوزوريس عند هذا الحد؟
!قطعا لا فإن زوجته المخلصة الوفية ايزيس، عندما لاحظت غيابه طويلا انطلقت في هلع وقلق بالغ، لتبحث عنه..
وفي النهاية عثرت علي جثمان زوجها، ووارته التراب، بمكان بعيد.. ولكن، بالرغم من ذلك كان ‘ست’ يراقبها من بين احراش البردي الكثيفة.وانطلق بعد ذلك واخرج جثمان اخيه من مكانه وقام بتقطيعه إلي اربع عشرة قطعة ‘او ست عشرة’..والقي بكل قطعة في مختلف انحاء نهر النيل..وبعد ذلك عندما اكتشفت ايزيس ما ارتكبه ‘ست’ مرة اخري، انطلقت في اسي وحزن بالغ باحثة عن اشلاء زوجها في كل مكان ‘بالنهر العظيم’.وتمكنت وهي تجري لاهثة فوق امواج النيل من جمعها كلها.. ‘باستثناء قطعة ما’، كانت قد ابتلعتها سمكة ‘الانومة’!!
وبمساعدة اختها ‘نفتيس’ وابنها ‘انوبيس’ رب الجبانات تمكنت من اعداد مومياء اوزوريس، (الاولي عبر التاريخ كله) وتحنيطها، وعمل الطقوس اللازمة، ولفها بالضمادات..ودفنها بمكان فائق السرية..حتي يحظي زوجها بالخلود والابدية في ‘العالم الاخر’.ولم تتوقف اسطورة حب ايزيس واوزوريس عند هذا الحد:
فقد انطلقت ايزيس إلي احراش البردي، وعاشت بها، متسترة خلال التسعة اشهر - فترة حملها - بعيدا عن اعين الشيطان ‘ست’..وهناك، انجبت حورس وهيأته ليكون وريثا لعرش ابيه اوزوريس..
ان ايزيس لجديرة حقاً بهذه الترانيم الجميلة: ‘ايزيس..انت، انت ربة الارض التي جعلت قدرة المرأة تتساوي مع قدرة الرجل’.أو: ‘كان قلبها اكثر شجاعة وفطنة من مليون رجل